ابي فراس الحمداني
أراك عصي الدمع شيمتك الصبرأما للهوى نهي عليك ولا أمر |
بلى أنا مشتاق وعندي لوعةولكن مثلي لايذاع له سر |
إذا الليل أضواني بسطت يد الهوىوأذللت دمعا من خلائقه الكبر |
تكاد تضيء النار بين جوانحيإذا هي أذكتها الصبابة والفكر |
معللتي بالوصل والموت دونهإذا مت ظمآنا فلا نزل القطر |
حفظت وضيعت المودة بينناوأحسن من بعض الوفاء لك العذر |
وما هذه الأيام إلاّ صحائفلأحرفها من كف كاتبها بشر |
بنفسي من الغادين في الحي غادةهواي لها ذنب وبهجتها عذر |
تروغ إلى الواشين في وإن ليلأذنا بها عن كل واشية وقر |
بدوت وأهلي حاضرون لأننيأرى أن دارا لست من أهلها قفر |
وحاربت قومي في هواك وإنهموإياي لولا حبك الماء والخمر |
فان يك ماقال الوشاة ولم يكنفقد يهدم الإيمان ماشيد الكفر |
وفيت وفي بعض الوفاء مذلةلإنسانة في الحي شيمتها الغدر |
وقور وريعان الصبا يستفزهافتأرن أحيانا كما أرن المهر |
تسائلني من أنت وهي عليمةوهل بفتى مثلي على حاله نكر |
فقلت كما شاءت وشاء لها الهوىقتيلك قالت أيهم فهم كثر |
فقلت لها لو شئت لم تتعنتيولم تسألي عني وعندك بي خبر |
فقالت لقد أزرى بك الدهر بعدنافقلت معاذ الله بل أنت لا الدهر |
وما كان للأحزان لولاك مسلكإلى القلب لكن الهوى للبلى جسر |
وتهلك بين الهزل والجد مهجةإذا ماعداها البين عذبها الهجر |
فأيقنت أن لاعز بعدي لعاشقوأن يدي مما علقت به صفر |
وقلبت أمري لا أرى لي راحةإذا البين أنساني ألح بي الهجر |
فعدت إلى حكم الزمان وحكمهالها الذنب لاتجزى به ولي العذر |
كأني أنادي دون ميثاء ظبيةعلى شرف ظمياء جللها الذعر |
تجفل حينا ثم ترنو كأنهاتنادي طلا بالواد أعجزه الخضر |
فلا تنكريني يا ابنة العم إنهليعرف من أنكرته البدو والحضر |
ولا تنكريني إنني غير منكرإذا زلت الأقدام واستنزل النصر |
وإني لجرار لكل كتيبةمعودة أن لايخل بها النصر |
وإني لنزال بكل مخوفةكثير إلى نزالها النظر الشزر |
فأظمأ حتى ترتوي البيض والقناوأسغب حتى يشبع الذئب والنسر |
ولا أصبح الحي الخلوف بغارةولا الجيش مالم تأته قبلي النذر |
ويارب دار لم تخفني منيعةطلعت عليها بالردى أنا والفجر |
وحي رددت الخيل حتى ملكتههزيما وردتني البراقع والخمر |
وساحبة الأذيال نحوي لقيتهافلم يلقها جافي اللقاء ولا وعر |
وهبت لها ما حازه الجيش كلهورحت ولم يكشف لأبياتها ستر |
ولا راح يطغيني بأثوابه الغنىولا بات يثنيني عن الكرم الفقر |
وما حاجتي بالمال أبغي وفورهإذا لم أفر عرضي فلا وفر الوفر |
أسرت وما صحبي بعزل لدى الوغىولا فرسي مهر ولا ربه غمر |
ولكن إذا حم القضاء على امرئفليس له بر يقيه ولا بحر |
وقال أصيحابي الفرار أو الردىفقلت هما أمران أحلاهما مر |
ولكنني أمضي لما لا يعيبنيوحسبك من أمرين خيرهما الأسر |
يقولون لي بعت السلامة بالردىفقلت أما والله مانالني خسر |
وهل يتجافى عني الموت ساعةإذا ماتجافى عني الأسر والضر |
هو الموت فاختر ماعلا لك ذكرهفلم يمت الإنسان ماحيي الذكر |
ولا خير في دفع الردى بمذلةكما ردها يوما بسوءته عمرو |
يمنون أن خلوا ثيابي وانماعلي ثياب من دمائهم حمر |
وقائم سيف فيهم أندق نصلهوأعقاب رمح فيهم حطم الصدر |
سيذكرني قومي إذا جد جدهموفي الليلة الظلماء يفتقد البدر |
فإن عشت فالطعن الذي يعرفونهوتلك القنا والبيض والضمر الشقر |
وإن مت فالإنسان لابد ميتوإن طالت الأيام وانفسح العمر |
ولو سد غيري ماسددت اكتفوا بهوما كان يغلو التبر لو نفق الصفر |
ونحن أناس لا توسط عندنالنا الصدر دون العالمين أو القبر |
تهون علينا في المعالي نفوسناومن خطب الحسناء لم يغله المهر |